رسالة الغفران - الموضوع الثّالث مع الاصلاح: لم تكن غاية المعرّي من تصوير ابن القارح في مواقف
هزليّة مضحكة سوى إثارة جادّة لقضايا شغلت عقله. حلّل هذا القول وابدي رأيك
فيه.
مواقف هزليّة مضحكة والقضايا التّي أثارها المعرّي :
الإضحاك بالكلمة : من خلال الجمل الدّعائيّة ( ويخل لا أخلاه الله من إحسان بحورتين ) وقد أثار المعرّي من خلالها
قضيّة عقائديّة وهي نقد التّصوّر السّائد عن الجنّة باعتبارها فضاءًا للتّعويض
والملذّات , كما أثار أيضًا قضيّة إجتماعيّة وهي نقد قيم المجتمع المادّية
والتّهافت عن اللّذّة وأداة الإضحاك في هذا الإطار المفارقة بين الفعل (الدّنيا)
والمقام (الجنّة).
إستعمال كلمات غريبة (زقفونه، كفر
طاب، قرقافون، جحجلول، الخيثعور ابن الشيسوبان..). أثار قضية اللّغة العربيّة وهي
صفويّة اللّغة العربيّة ردًّا على ما ساد في عصره من اللّغات الأعجميّة وتداخلها
مع اللّغة العربيّة وخاصّة اللّغة الفارسيّة.
الإضحاك بالحركة:
مشهد عبور الصّراط والجارية تحمله وأثار من خلال هذا المشهد قضيّة إجتماعيّة وهي
الوساطة.
إبن القارح يهرول في الجنّة فرارا
من الحيّة تدعوه إلى اللّذّة، أثار المعرّي قضيّة إجتماعيّة وهي النّفاق وأداة
الإضحاك هي المفاجئة.
إبن القارح يتدلّى من ركاب خيل
إبراهيم وتلك الخيل تطير والّتي أثار بها قضيّة عقائديّة وهي الشّفاعة وأخرى
إجتماعيّة وهي التقرّب إلى أصحاب النّفوذ عبر أقربائهم.
الإضحاك بالمشهد:
مشهد إبن القارح في الحشر: معاناة وطول إنتظار (طال عليّ الأمد واشتدّ الضّمأ
والومد ...زيّنت لي نفسي الكاذبة أن أنظم أبياتا في رضوان ...) وهذا المشهد أثار
به المعرّي قضيّة عقائديّة وهي التّصوّرات الدّنياويّة ليوم الحشر كما أثار قضيّة
أدبيّة نقد المعرّي لوظيفة الشّعر التّكسّبي.
الإضحاك بالموقف:
نصّ "ضياع صكّ التّوبة" ورفض رضوان وزفر دخول ابن القارح إلى الجنّة فيه
وأداة الإضحاك هنا سوء التّفاهم (لم أفهم شيئا ممّا تقول..) والقضايا الّتي أثارها
التّصوّر الدّنيوي للآخرة.
الموقف: تدخّل ابن القارح لفضّ
الخصومة بين النّابغة والأعشى وهو نقد أدبيّ خاصّة في مقاييس نقد الشّعر.
الإضحاك بالشّخصيّة السّاذجة:
إستمالة ابن القارح الملائكة بالشّعر ونقد المعرّي من خلالها المتكسّبين بالشّعر.
إبداء الرّأي:
تعدّد
الغايات في رحلة الغفران: إنّ
المواقف الهزليّة تندرج ضمن التّواصل بين أديبين فالمعرّي طلب عبْر الهزل التّواصل
مع ابن القارح في سياق الردّ على رسالته.
المواقف الهزليّة يمكن إعتبارها من
قوانين الكتابة القصصيّة في عصر المعرّي وهو التّأليف بين الهزل والجدّ.
المواقف الهزليّة قد ("قد"
تفيد الإحتمال) تعبّر عن نفسيّة الكاتب الّذي أخفى ألمه وحيرته في الدّعابة
والهزل.
سعي المعرّي إلى إدانة ابن القارح
شَخْصًا ونموذجا.
التّأليف: للهزل
في رحلة الغفران وظيفتان: وظيفة فكريّة نقديّة تحثّ على التّفكير في قضايا الإنسان
ووظيفة إمتاعيّة توفّر فرصة الإستمتاع بالأدب.