درس استقلال ليبيا والمغرب الاقصى والجزائر - بكالوريا آداب واقتصاد وتصرف
I- جذور الحركات الوطنية وتطورها قبل
الحرب العالمية الثانية:
1- مقاومة الاحتلال بالجزائر وبروز التيارات الوطنية:
بدأت
المقاومة المسلحة للاستعمار الفرنسي منذ بداية الاحتلال بقيادة الأمير عبد القادر
بين 1832 و1847 وقام ببعث نواة دولة عربية إسلامية عاصمتها معسكر ومع بداية القرن
العشرين بوادر الحركة الوطنية نذكر منها تيار "الشباب الجزائري" الذي
ظهر منذ 1908 وهو تيار نخبوي حضري طالب بالمساواة مع الفرنسي وانضم إلى حركة
الأمير خالد منذ 1919 الذي طالب في رسالة إلى الرئيس ولسون بحق تقرير المصير
للجزائريين المسلمين.
وظهرت بعض
المنظمات مثل نجم شمال إفريقيا وهي منظمة عمالية تأسست سنة 1926 في أوساط
المهاجرين من أقطار شمال إفريقيا تزعمها منذ 1927 أحمد مصالي الحاج وجعل منها حركة
وطنية شعبية تناضل من أجل استقلال الجزائر وبلدان شمال إفريقيا وتم حضر نشاطها منذ
1929 لمطالبتها باستقلال الجزائر. وتم تركيز منذ 1936 غلى الجزائر لكن تم حلها تحت
ضغط الجالية الأوروبية فقرر مصالي الحاج تأسيس حزب "الشعب الجزائري"
مارس 1937.
جمعية
العلماء المسلمين الجزائريين التي تأسست في 1931 بالعاصمة الجزائرية على يد الشيخ
عبد الحميد ابن باديس عملت على الدعوة إلى الإسلام الصحي ومقاومة البدع والإسلام
الطرقي من خلال صحفها مثل "الشهاب" وشاركت سنة 1936 في المؤتمر الإسلامي
الجزائري يهدف إلى توحيد تطلعات التيارات الوطنية جمعية "تيار الشباب
الجزائري" المنتخبين والحزب الشيوعي كان برنامجه يكرس الإطار الفرنسي لكن
حكومة ليون بلوم اقترحت منح عدد محدود من الجزائريين حق المواطنة وهو ما أثار
حفيظة "حزب الشعب" وبقية التيارات التي تخلت عن مطالبتها الاندماجية الإصلاحية.
2- المقاومة الليبية المسلحة وظهور الحركة الوطنية:
أدى الغزو
الإيطالي لليبيا سنة 1911 إلى بروز مقاومة مسلحة تواصلت حتى 1931 ومرت بمرحلتين
تواصلت الأولى إلى 1917 لعبت فيها الحركة السنوسية دورا بارزا أما المرحلة الثانية
واكبت الفاشية بين 1923 و1932 ومن ابرز قاداتها غرازياني الذي مارس حرب إبادة ضد
القبائل الثائرة في مداخل البلاد وفي برقة قاد الحركة السنوسية الشيخ عمر المختار
بين 1923 - 1931 الذي أسر وأعدم في 16 سبتمبر 1931 فسيطر الايطاليون على كامل
البلاد ولجئ الليبيون إلى البلدان المجاورة تونس ومصر وتركز نشاطهم حول شخص محمد إدريس
السنوسي اللاجئ إلى مصر حتى نشوب الحرب العالمية الثانية.
3- الحركة الوطنية المغربية وتطورها:
منذ احتلال
فرنسا لأجزاء من المغرب في 1911 وفرض معاهدة فاس في 1912 تعرضت القوات الغازية إلى
مقاومة شديدة إلى حدود 1934 في المدن مثل فاس ومراكش وخاصة في جبال الأطلسي. وشهدت
منطقة الريف حركة مقاومة أكثر ضراوة بزعامة عبد الكريم الخطابي بين 1921 - 1926
وألحق هزيمة بالقوات الاسبانية في معركة أنوال 1921 وشكل ذلك تهديدا للقوات
الفرنسية التي تحالفت مع الاسبان ومحاربة
عبد الكريم الخطابي الذي استسلم ونفي إلى جزيرة لارينون في المحيط الهندي ساهمت
الأزمة الاجتماعية المترتبة عن انعكاسات الاقتصاد الاستعماري وانتشار الحركة
السلفية المناهضة للاستعمار وصدور مرسوم الظهير البربري في 16 مارس 1930.
تعبئة شعبية
ونخبوية ضد إصدار هذا المرسوم الخطيرة (التفريق بين سكان البلاد) فتصاعدت
الاحتجاجات التي تزعمتها نخبة من المثقفين أمثال علّال الفاسي خريج جامعة القرويين
بفاس ومحمد المزاني خريج المدارس العصرية وقاموا بالدعاية للحركة الوطنية ومقاطعة
البضائع الأوروبية وتم تأسيس حزب الإصلاح الوطني في 1933 على يد عبد الخالق تريس
بالمنطقة الاسبانية وأسس علال الفاسي ومحمد بن الحسن الوزاني كتلة العمل الوطني
سنة 1934 التي قوبلت مطالبها بالرفض من قبل حكومة الجبهة الشعبية وأقدمت فرنسا على
نفي الزعيم علال الفاسي سنة 1937.
II- مسيرة
ليبيا والمغرب الأقصى والجزائر نحو الاستقلال:
1- استقلال ليبيا:
أ-
الحركة الوطنية الليبية من
الحرب العالمية الثانية إلى 1951:
ساند محمد
إدريس السنوسي القوات البريطانية ضد قوات المحور في حرب الصحراء مراهنا على
الاستقلال وبعد انهزام المحور تمركزت قوات بريطانية ببرقة وطرابلس وقوات فرنسية
بفزان سنة 1943 وبعد عودة المهاجرين الليبيين بدأ العمل السياسي من جديد وتركز
النشاط الوطني في برقة وخاصة في طرابلس على ثلاث قضايا أساسية: قضية الإستقلال –
الوحدة الترابية – الزعامة السنوسية.
تشكلت العديد
من الأحزاب في طرابلس: الحزب الوطني – الجبهة الوطنية المتحدة – الكتلة الوطنية الحرة
ذات توجه جمهوري وتنادي باستقلال ليبيا.
أما في برقة
ظهر حزب واحد وهو الجبهة الوطنية والمؤتمر الوطني البرقاوي سنة 1948 ركز على
الاستقلال والولاء لمحمد إدريس السنوسي ونادي عمر الخطاب الذي نادى باستقلال ليبيا
موحدة وحكم جمهوري.
ب- الإحراز على الاستقلال:
تحررت ليبيا
من السيطرة الإيطالية بصفة رسمية منذ توقيع معاهدة الصلح في 15 سبتمبر 1947 لكن لم
يقع الاتفاق على طبيعة نظام الحكم في ليبيا ووحدة التراب الليبي فشكلت القوى
الكبرى (بريطانيا – فرنسا- الولايات المتحدة الأمريكية – الاتحاد السوفياتي)
استفتاء الليبيين حول مستقبل بلادهم وكانت رغبة الليبيين في الاستقلال وتوحيد
أقاليم البلاد الثلاثة لكن لم تتفق الدول الكبرى حول مصير ليبيا فألجأت القضية إلى
الأمم المتحدة وفي الأثناء قدم كل من وزيري خارجية بريطانيا Bafen والإيطالي Sforza خطة تقترح استقرار
إدارة بريطانيا في برقة وفرنسية في فزان وإيطالية في طرابلس لمدة 10 سنوات فظهرت
دعوات للعصيان المدني.
فأصدرت
الولايات المتحدة الأمريكية لائحة تنص على استقلال ليبيا في أجل لا يتجاوز 1952
وتم الاتفاق بين الوطنيين على إقرار حكم ملكي دستوري بزعامة محمد إدريس السنوسي
واعتماد نظام اتحادي بين الأقاليم الثلاث وأعلن الاستقلال في 24 ديسمبر 1951.
وفي 1 سبتمبر
1969 قام العقيد معمر القذافي بثورة ضد نظام الملك وتم إجلاء القوات الأجنبية من
ليبيا وتم تأميم النفط.
2- استقلال المغرب الأقصى:
أ-
نضال الأحزاب من أجل
الاستقلال: 1943 - 1947:
تكون حزب الاستقلال
في 1943 في تحالف بين الحركة الوطنية بقيادة هلال الفاسي والحركة القومية بقيادة
الوزاني طالبت الحركة بالاستقلال في وثيقة 11 جانفي 1944.
تعزز العمل
الوطني بالتجاء عبد الكريم الخطابي إلى مصر وأسس مع هلال الفاسي وبورقيبة مكتب
المغرب العربي.
أسس محمد ابن
الحسن الوزائي في 1944 حزب الشورى والاستقلال الذي نادى بحكم برلماني كما انتظمت الحركة الشيوعية في حزب سياسي في
1943 ثم توحد الحزبان الوطنيان في المنطقة الإسبانية.
التفت هذه
الأحزاب حول توجهات السلطان محمد بن يوسف الوطنية الذي عمل على دفع القضية حيث
قابل الرئيس روزفلت في المغرب في 1943 وحصل على تأييده للاستقلال وسافر إلى باريس
في 1945 للمطالبة بإصلاحات تمهد للاستقلال وأكد في خطاب طنجا 1947 على وحدة المغرب
وارتباط مستقبلها بالعروبة والإسلام فردت سلط الحماية بتنصيب مقيم عام عسكري
الجنرال "جوان" للقمع وإفشال كل عمل .
ب- تصلب السياسة الفرنسية وتجذر العمل الوطني 1947 – 1953:
اتبعت السلط الاستعمارية
سياسة متصلبة معتمدة على كسب المعتدلين من الوطنيين مثل التوهامي القلاوي باشا
مراكش الذي عمل على اضطهاد أتباع حزب الاستقلال لكن "نجحت القوة الوطنية لكن
نجحت القوة الوطنية في التكتل داخل جبهة وطنية في 1951 لتحقيق الاستقلال التام.
تعدد
المواجهات الدموية مع المستعمر خاصة في ديسبمر 1952 في احتجاج عمال المغرب على
اغتيال فرحات حشاد والتي أدت إلى سقوط عديد الضحايا في الدار البيضاء وإلقاء القبض
على قادة حزب الاستقلال وتحجير الصحافة الوطنية وخلع السلطان من قبل المقيم العام
"غيبون" في أوت 1953 وتعويضه بابن عمه محمد ابن عرفة ونفيه إلى جزيرة
كورسيكا ثم إلى مدغشقر فتحول إلى زعيم وطني.
ت- تصعيد الكفاح ونيل الاستقلال : 1953 – 1956:
كان رد فعل
السكان تجاه نفي السلطان القيام بأعمال تخريبية شملت كامل البلاد: طرق المواصلات –
محطة كهربائية.
فظهر
"جيش التحرير المغربي" في المنطقة الشمالية وتمكن في منطقة الريف بتنسيق
مع حزب الاستقلال عن طريق مهدي بن بركة من مهاجمة قواعد عسكرية في تازة وفاس.
فغيرت سلطات
الحماية من سياستها وأعادت السلطان من منفاه في 16 نوفمبر 1955 وأجرت معه إتصلات
حول الاستقلال وأفضت إلى الإعلان عن استقلال المغرب في 2 مارس 1956 وكان اتفاق
مماثل مع إسبانيا في 7 أفريل 1956 يعترف باستقلال منطقة الريف.
وفي 24
أكتوبر تم إلغاء النظام الدولي في طنجا لكن بقت سبتة ومليلة تحت نفوذ إسبانيا.
3- استقلال الجزائر:
أ-
نمو الحركة الوطنية وتجذرها
بين 1945 – 1954:
استغل الجزائريون
هزيمة فرنسا في 1940 وعملية الإنزال الأنجلو-أمريكية على الشواطئ المغربية
والجزائرية في نوفمبر 1942. فقدموا للحلفاء البيان الجزائري في 10 فيفري 1943
للمطالبة بإصلاحات جوهرية.
رفضت السلطات
الاستعمارية "الجنرال دي غول" عن فرنسا الحرة تلبية هذه المطالب وتمسكهم
بالنزعة الاندماجية فتكونت جبهة موحدة بين تيار المنتخبين بقيادة فرحات عباس
وجمعية العلماء تحت اسم جمعية أصدقاء البيان والحرية وقعت تحت تأثير "حزب
الشعب المنادي بالاستقلال بالقوة".
أقدمت
السلطات الفرنسية في ظرفية نهاية الحرب وتأسيس جامعة الدول العربية والإعداد لبعث
الأمم المتحدة نفي مصالي الحاج في 25 أفريل 1945 واندلعت أحداث سطيف وقالمة
الدامية في 8 ماي 1945 قمعها الاستعمار بوحشية ثم حل أصدقاء البيان فتكون اتجاهان:
اتجاه أول
بقيادة فرحات عباس في 1946: الإتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري: العمل في نطاق
الشرعية.
اتجاه ثاني
أسسه مصالي الحاج: حركة انتصار الحريات الديمقراطية: تحقيق الاستقلال بالقوة.
وأمام عجز
السياسة الفرنسية على تحسين الأوضاع أقدمت أقلية من المناضلين تنتمي إلى
"المنظمة الخاصة" الجناح العسكري لانتصار الحريات على إعلان الثورة
المسلحة في نوفمبر 1954.
ب- الثورة المسلحة:
انطلقت
بتكوين جبهة التحرير الوطني وجيش التحرير الوطني وكان عملها على عدة مستويات:
العمل
المسلح:
قُسِّمت
البلاد إلى 6 مناطق على رأس كل واحدة قائد وبلغ عدد جيش التحرير 100 ألف تعزز
بالفلاحين والحرفيين: حرب عصابات في الأرياف والمدن: أسلحة خفيفة وجدت دعم من تونس
والمغرب.
العمل
السياسي:
تعززت الثورة
بانضمام الأحزاب الوطنية الأخرى باستثناء الحركة الوطنية الجزائرية التي أسسها
مصالي الحاج في 1954 مما أفقده إشعاعه وعملت الجبهة على تأسيس نقابات لتأطير
العمال وتم العمل على تنفيذ مؤتمر الصومام لبعث هياكل مسيرة مثل المجلس الوطني
الثورة ولجنة التنسيق والهدف هو بعث جمهورية جزائرية موحدة.
وأسندت قيادة
الجيش إلى كريم بلقاسم وتم تشكيل حكومة مؤقتة للجمهورية في 1958 برئاسة فرحات
عباس.
العمل
الدبلوماسي:
بفضل القادة
خارج البلاد (بن بلة – محمد بوضياف – محمد خذير) الموجود بالقاهرة وتكثيف الاتصال
بالدول العربية والإسلامية والدول الشيوعية خاصة الإتحاد السوفياتي وكسب مساندة
الكتلة الإفريقية الآسيوية خلال ندوة Bandong والقاهرة في 1957 ورفع
القضية أمام منظمة الأمم في 1956. وتدويلها مستغلة الأزمة التونسية – الفرنسية إثر
قصف ساقية سيدي يوسف في 8 فيفري 1956.
ت- التفاوض وانتزاع الاستقلال:
حاولت فرنسا فرض الحل العسكري على الثورة
الجزائرية معتبرة إياها تمردا ورفضت التفاوض لكن اتساع نطاق العمليات العسكرية
وحالة الفوضى لدى الجالية الأوروبية جعل السلطات الفرنسية تتوجه إلى التفاوض بصفة
سرية منذ 1956 وبصفة معلنة في عهد الجنرال " Charles de Gaulle "
في 1958 حيث تدرج موقفه من الاعتراف بحق تقرير المصير في 1959 إلى التسليم ببعث
الجمهورية الجزائرية في 1960 وتم الاعتراف بالجزائر دولة ذات سيادة منذ 1961.
ونظمت
مفاوضات في مولان وايفيان في 12 ماي 1961 إلى 18 مارس 1962 انتهت بإمضاء اتفاقيات
وقف إطلاق النار وإجراء إستفتائين في فرنسا حيث وافق الفرنسيون بـ 90% على ما أسفرت عليه هذه
الاتفاقيات والثاني في الجزائر أجمع فيه الجزائريون في 1 جويلية 1962 على اختيار
الاستقلال بأكثر من 5 مليون صوت.