درس الميناء و التوّسع التجاريّ لقرطاج - أولى ثانوي - تاريخ
مقدمة:
ارتكز النظام الاقتصادي القرطاجي على التجارة البحرية وقد سعى القرطاجيون إلى تنظيم هذا النشاط والحفاظ على مصالحهم التجارية وقد لعب الميناء إلى جانب عوامل أخرى دورا هاما في القوة التجارية لقرطاج. فماهي خصائص الميناء القرطاجي؟ وما هي مجالات التوسع التجاري؟ وما هي مظاهر القوة التجارية لقرطاج وعواملها؟
I-الميناء:
1- خصائص ميناء قرطاج ومكوناته:
يتميز ميناء قرطاج ببنيته المركبة ومجاله الشاسع ويمكننا أن نميز بين الميناء التجاري والعسكري.
أ- الميناء التجاري:
شكله مستطيل مثمن الأضلاع، يبلغ طوله 465 متر وعرضه 325 متر ويمسح مجالا مائيا 15 هكتارا ويمسح بمجال مائي يقدر بـ1500 متر مكعب. وقد مكنه مجاله الشاسع من استقبال عدد كبير من السفن التجارية المحملة بالبضائع عبر مدخل عرضه 20 متر و70 صنتيمتر.
ب- الميناء العسكري:
في شكل حوض دائري قطره 325 متر ويمسح مجالا مائيا يقدر بـ 8000 متر مكعب ويستقبل 220 سفينة حربية داخل مرافئ انتظمت على شكل مأوى وعلى جانبي كل مأوى يوجد عمودان يونيان ويوجد في وسط هذا الميناء جزيرة دائرية تحتوي على مركز القيادة العامة والذي يمكن الأميرال من متابعة حركة الملاحة ويشمل الميناء على ورشات لإصلاح السفن.
تميز الميناء بتركيبة معمارية منظمة تعكس اتقان الانسان القرطاجي واحكام استغلاله للموروث الفينيقي.
2- دور الميناء في بناء القوة العسكرية والسيطرة القرطاجية:
أ- دوره في بناء القوة التجارية :
تميز الميناء بموقع استراتيجي على ضفاف البحر المتوسط وقد مكنه مجاله الشاسع من استقبال عدد كبير وهام من السفن المحملة بالبضائع نحو الدول الأخرى الاغريقية والرومانية والفينيقية.
ب- دور في بناء القوة العسكرية:
تميز الميناء العسكري بحصانته إذ يحتوي على مبنى القيادة العامة أين تنطلق اشارات الانذار كما تمكن هندسته من عدم تمكين من كان خارج الميناء من رؤية ما يوجد داخله.
لعب الميناء العسكري دورا هاما في توسع المجال التجاري لقرطاج وتدعيم قوتها التجارية.
II- التوسع التجاري القرطاجي:
1- التوسع التجاري داخل البلاد التونسية:
لم يقتصر الحضور القرطاجي على السواحل أين وجدت مدن هامة من أوتيكا وغيرها من المواقع بل تسربت داخل البلاد وفرقت سلطانها وفرضت سلطانها على القبائل اللوبية في داخل البلاد مثل مكثريس.
2- التوسع التجاري داخل المتوسط:
التوسع على السواحل الشرقية والغربية والسواحل اللوبية .
أ- التوسع على السواحل الشرقية للوبيا:
أشرفت قرطاج على مناطق شاسعة على ليبيا تتمحور على 3 مدن وهي لبقا وسبراطة ووية .
ب- التوسع على السواحل الغربية للوبيا:
أهمها هيبون (عنابة حاليا) ولاكش بالمغرب الاقصى.
ت- التوسع على جزر المتوسط:
توسعت قرطاج على عديد الجزر المتوسطية مثل غربي صقلية وسردانيا وكرسيكا والباليار.
ث- التوسع على جنوب اسبانيا:
توسعت قرطاج في جنوب اسبانيا حيث أسست مستوطنات مثل قادس وقرطاجنة.
3- التوسع خارج المتوسط:
خيملك، بحار قرطاجي، يتنمي إلى عائلة ماغون قام برحلة انطلاقا من جديرة ببلاد ايبار محاذيا السواحل الاوربية الغربية سنة 450 ق.م. وبلغ السواحل الارلندية.
حنون: وهو بحار قرطاج ينتمي إلى عائلة ماغون قام برحلة انطلاقا من قرطاج في اتجاه المحيط الاطلسي محاذيا السواحل الافريقية بداية من سنة 425 ق.م. ووصل إلى خليج الكاميرون.
تمكنت قرطاج من توسيع مجالات نفوذها وتكوين امبراطورية شاسعة مكنتها من أن تصبح من أعظم القوى في البحر الابيض المتوسط.
III- القوة التجاريقة لقرطاج:
1- عوامل القوة:
سفن تجارية تميزت بحجم كبير وبقدرة عالية على حمل كميات هائلة من البضائع.
امتلاك اساطيل تجارية هامة قادرة على القيام بما يستوجبه النشاط التجاري من نقل وموانئ وأرصفة ومخازن.
اتخاذ الاجراءات اللازمة لحماية السفن من القراصنة وحماية الاسواق من المنافسة مع ابرام الاتفاقيات التجارية مثل المعاهدة التي ابرمتها قرطاج مع روما في 509 ق.م. او اللجوء إلى القوة للدفاع عن المصالح التجارية مثل الصراع القرطاجي الاغريقي والصراع القرطاجي الروماني (الحروب البونية).
من العوامل الأخرى كذلك تأمين مجال زراعي نتيجة توفير منتوجات عديدة صدرت قرطاج جانبا هاما منها.
تنويع الأطراف التجارية التي تعاملت معها قرطاج مثل جنوب بلاد الايبار، مصر، بلاد كنعان وقبرص والمستوطنات الاغريقية بسقلية وإيطاليا.
حرفية التجار القرطاجيين حيث تميزوا بقدرتهم الفائقة على ترويج سلعهم وجلب الحرفاء.
2- مظاهر القوة:
تعدد المسالك التجارية من مسالك برية وبحرية ومحيطية.
المتاجرة بسلع متنوع من المعادن مثل الرصاص والنحاس والقصدير والحديد ومعادن ثمينة مثل الذهب والفضة ومواد أولية صناعية مثل صبغ الجلود ومواد مصنعة مثل الأقمشة والخزف والتمائم ومواد الترف مثل العطور والبخور ومواد أخرى كالعبيد والفيلة.
خاتمة:
قرطاج قوة اقتصادية قامت على اساس التجارة البحرية وقد كرست بنشاطها التاجري التلاقح الحضاري بين الحوض الشرقي والغربي للبحر المتوسط.